الدليل الشامل للرقابة على الإنترنت
جدول المحتويات
- 1 مع تنافس مختلف
- 2 لماذا تتم الرقابة على المحتوى؟
- 3 الرقابة على الإنترنت
- 4 البلدان ذات مستويات الرقابة الأفضل والأسوأ
- 5 إلى أي مدى تتم مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي؟
- 6 إلى أي مدى تخضع مواقع الإنترنت الإخبارية للرقابة؟
- 7 الرقابة على التعليم
- 8 كيف يتم تنفيذ الرقابة على الإنترنت؟
- 9 كيفية تفادي الرقابة
- 10 الخلاصة – كيفية تفادي الرقابة في عصر فرض الرقابة
1 مع تنافس مختلف
مع تنافس مختلف الأطراف الفاعلة على التحكم بحرية تدفق المعلومات، باتت الرقابة الإلكترونية من المواضيع ذات الأهمية المتزايدة. وفي الوقت الراهن، لا يمكن التقليل من أهمية توفر مصادر للأخبار والمعلومات تتميز بالاستقلالية والحرية، كما أن حرية الإنترنت لها أثر عظيم على رأي الشارع العام.
ومن أقوى الأدلة على ذلك فضائح تسريبات ويكيليكس التي أدت إلى الكشف عن كميات هائلة من المعلومات بسبب تصرفات قام بها إدوارد سنودن المعروف بأنه “كاشف أسرار”. وفي غياب إعلام حر يتم من خلاله نقل هذه المعلومات، ما كان لأي من هذه الأخبار أن ترى النور، وما كان للجمهور العام إدراك ما حدث. من جهتها بادرت السلطات الحكومية بتصنيف إدوارد سنودن “كإرهابي” وتسعى إلى تسلّمه لكي يتم إصدار حكم بحقه لإفصاحه عن معلومات حقيقية عن تصرفات أشخاص ذوي مراتب عليا. ويسود الاعتقاد بأن ما تم الإفصاح عنه لا يمثل سوى نسبة ضئيلة وأن ما لا يزال يخفى على الجمهور العام أعظم بكثير.
على الصعيد العملي، توجد هناك الكثير من الأدلة التي تدل على أن غالبية الأنشطة الإلكترونية التي يقوم بها الأفراد تخضع للرقابة. لا يقتصر هذا الأمر على أساليب الرقابة التي تمارسها دولة كالصين التي تعتمد سياسة أكثر وضوحاً وصراحة إزاء الرقابة على الإنترنت، بل يشمل أيضاً ما يحدث في أماكن كالولايات المتحدة وأوروبا، على الرغم من أنه يتم بصورة مستترة بشكل أكبر بكثير. تعتبر جوجل بصورة أساسية قاعدة بيانات ضخمة تعج بالاستفسارات القادمة من المستخدمين التي يتم ربطها غالباً بعناوين بريد جيميل (الذي يتم ربطه بدوره برقم هاتفي) وبعناوين الآي بي التي تقابلها. وليس سراً أن شركات مثل جوجل وفيسبوك وغيرهما من الشركات الكبيرة تقدم بيانات المستخدمين بكل طواعية إلى وكالة الأمن القومي، بل إن جوجل قد خصصت في وقت من الأوقات خادم دروبوكس خاص بوكالة الأمن القومي.
كما تم الكشف عن أن شركتي ياهو ومايكروسوف تتعاونان منذ مدة مع وكالة الأمن القومي وتقدمان لها بيانات خاصة بمواطنين عاديين. ورغم أن حجم البيانات التي تنتقل من جوجل إلى وكالة الأمن القومي ليس معروفاً، لكن يمكن الافتراض أن الوكالة مطلعة على جميع البيانات الموجودة لدى جوجل، سواءً بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، لأن الغرض من إنشاء الوكالة كان يتمثل أصلاً في التواطؤ مع شركة AT&T لاعتراض الاتصالات المنقولة، مما يمثل انتهاكاً ليس فحسب لحرية المواطنين الأمريكيين (بما في ذلك مكالمات ورسائل سكايب)، بل يحتمل أيضاً أن يطال هذا الانتهاك مواطني الصين وأوروبا وروسيا والشرق الأوسط.
ورغم أن هذا الأمر لا يعتبر رقابة إلكترونية بالمعنى الدقيق للكلمة، إلا أن إخضاع أنشطة الأفراد للرقابة غالباً ما يكون الخطوة الأولى وجزءاً لا يتجزأ من عملية الرقابة. فبهذه الطريقة يصبح بوسع اللاعبين الكبار مراقبة الاتجاهات والأنماط الحالية المتعلقة بآراء الشارع العام ومعتقداته، وهو ما قد يساعد تلك الجهات في تحديد مدى وطبيعة الرقابة.
2 لماذا تتم الرقابة على المحتوى؟
تتميز الاتجاهات والأنماط الخاصة بالإنترنت بكونها مربحة للغاية نظراً لأنها تتيح للحكومات والشركات القيام بعملية تعدين البيانات من أجل استخلاص رؤى وملاحظات عن السوق، كما أنها قد تكون دقيقة جداً في توقع العمليات الانتخابية. يمكن أن تسهم هذه البيانات أيضاً في تمكين السلطات الحكومية من القضاء على أي أنشطة تعتبرها منافية لخطابها الراسخ. ومرة أخرى، يمكن العثور على أقوى الأدلة في هذا الصدد في الصين، حيث يتم وأد أي معارضة علنية قبل أن يمثل خطراً على التسلسل الهرمي المتأصل لمراكز النفوذ. من الأمثلة على ذلك حادثة ميدان تيانانمين، حيث نفذت مجزرة بحق طلبة جامعيين لممارستهم حقهم في التظاهر السلمي.
يتمثل الهدف الأساسي من الرقابة الإلكترونية في الحيلولة دون ظهور آراء تعارض المُثُل الخاصة بالحزب الموجود في السلطة. كما أن عالم الإنترنت يتيح إنشاء حركات ومجموعات في الفضاء الإلكتروني وبالتالي فإنها قد تصبح قوية جداً، ناهيك عن أن وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت أدوات ذات أهمية فائقة بشكل عام. فمن دون هذه الوسائل، ما كان لنا أن نعرف شتى الفضائح والفظاعات التي ترتكب في مختلف أنحاء العالم. لا تحدث هذه الفظاعات في بلدان العالم الثالث فحسب، بل إنها تحدث أيضاً في أعلى مراتب المجتمعات الغربية، بما في ذلك طبقة السياسيين والمصارف والمسؤولين التنفيذيين في الشركات ونخبة العائلات.
وبطبيعة الحال، توجد رقابة “نظيفة”، إذ من المؤكد أن هناك حالات يمكن أن نطلق عليها ديمقراطية مفرطة. على سبيل المثال، عبرت الصحفية كايثلين جونستون عن رأيها عندما صرحت بأن “العالم سيكون مكاناً أفضل عندما يموت [جون ماكين]“. يمثل هذا تعبير كهذا تجاوزاً لحدود حرية التعبير، وهذا النوع من الخطاب (خطاب الكراهية) منصوص عليه في تشريعات أكثر البلدان ديمقراطية. أي حديث من شأنه أن يحرض على إلحاق الأذى بشخص أو مجموعة عرقية يمكن أن يؤدي إلى تدابير قانونية، وغالباً ما يتم حجبه من قبل المشرفين على المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي. هناك بالتأكيد دور للرقابة الصحيحة، وهذا النوع من الرقابة ضروري. لكن ينبغي تحقيق توازن دقيق، ويجب تفادي فرض رقابة شاملة أو وجود تدخلات من الجهات الحكومية أو التجارية، لأن هذا الأمر يؤدي عموماً إلى الاضطهاد وينتج عنه النوع الخاطئ من الرقابة الذي لا يصب سوى في خدمة السلطات التي تتولى مهمة تنفيذ الرقابة.
بدورها تقوم شركات الإنترنت بصورة روتينية بحجب المحتوى المتعلق بالمواد الإباحية للأطفال، وفي بعض الولايات القضائية، يملك القضاة صلاحية إصدار أوامر تقضي بإزالة الفقرات التي تشكل “خطاب كراهية” من الإنترنت. ففي فرنسا وألمانيا، يتم حجب الدعاية النازية، بالإضافة إلى المواقع التي تشكك في حدوث المحرقة. ورغم أن هذه الأنواع من الرقابة تبدو ضرورية وفي حدود المعقول، لكن يبقى دوماً خطر تجاوز الحدود. ففي فرنسا على سبيل المثال، جرى تمرير قانون يسمح بمنع بعض المستخدمين من استعمال الإنترنت لمدة 12 شهراً. وفي رومانيا، يمكن فرض غرامة قيمتها 200,000 دولار أمريكي على شركات الإنترنت عند سماحها بالوصول إلى موقع محظور.
3 الرقابة على الإنترنت
يبقى السؤال إلى أي مدى تخضع شبكة الإنترنت للرقابة. ينبغي الملاحظة في البداية أن شبكة الإنترنت ليست كياناً ضخماً موحداً بالكامل توجد فيه معايير وقيم دولية موحدة. في بعض المناطق، يمكن أن تكون الرقابة صارمة للغاية (كتركيا)، وفي البعض الآخر كدول الغرب، تعتبر الرقابة خفيفة إلى حد بعيد. غير أن السبب وراء ذلك هو أن عمق عمليات رصد وتتبع الأنشطة في الغرب أكثر تطوراً وتعقيداً بكثير مما هو عليه الحال في الشرق والبلدان الأكثر فقراً. تعتبر المنشآت في البلدان الغربية ووكالات الاستخبارات التابعة لها بصورة عامة بارعة جداً في استخلاص البيانات الخاصة بأي فرد. كما باستطاعتها الربط بسهولة بين قاعدة بيانات هائلة من المعلومات التي تضم استفسارات جوجل وعنوان الآي بي المرتبط بأجهزة مختلفة وبيانات تسجيل الدخول الخاصة بأجهزة الألعاب وتذاكر الطيران ومشتريات البطاقات المصرفية وغير ذلك الكثير.
أي جهاز متصل بشبكة الإنترنت هو ببساطة عبارة عن لاقط إشارة تخزن فيه كافة الأنشطة، فالجهاز الخاص بك يعتبر عقدة ضمن شبكة واسعة (هي شبكة الإنترنت) وعندما يتمكن القراصنة أو السلطات الحكومية من الوصول إليه، يصبح بإمكانهم العثور على كل شيء آخر تقريباً. عندما يتعلق الأمر بالجهات الحكومية، فإنها تحظى بنفوذ لامحدود بفضل مساعدة شركات البطاقات الائتمانية ومواقع التواصل الاجتماعي وشركات كمايكروسوفت وياهو وجوجل وغيرها من الشركات التي يتم الضغط عليها لكي تقدم المساعدة.
من الصعب العثور على إحصائيات دقيقة تتعلق بالرقابة الإلكترونية، لأن هذه المعلومات هي في نهاية المطاف معلومات يتم الحصول عليها من الإنترنت. لكن دعونا نلقي نظرة على الإحصائيات التالية المأخوذة من موقع statistica.com وغيره من المصادر الإلكترونية الموثوق بها.
- يعيش 58% من مستخدمي الإنترنت في بلدان يتم فيها إيداع المدونين في السجن بسبب نشر محتوى يتعلق بقضايا سياسية أو اجتماعية أو دينية.
- يعيش 45% من المستخدمين في بلدان يمكن أن يؤدي فيها نشر كتابات ساخرة أو رسوم كرتونية أو مقاطع فيديو فكاهية إلى فرض أحكام بالسجن (لا ينطبق هذا الأمر على أوروبا أو الولايات المتحدة حيث يتم فيها حماية السخرية بموجب الدستور).
- تعتبر آيسلاندا وإيستونيا من أقل البلدان رقابة على الإنترنت، تليهما كندا وألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة. بدورها تعتبر الصين وسوريا وإيران أسوأ البلدان، وقد تلحق تركيا بها قريباً.
- يعيش 61% من مستخدمي الإنترنت في بلدان تعرضت فيها الانتقادات الموجهة للحكومة أو الجيش أو العائلة الحاكمة للرقابة.
- يعيش 38% من مستخدمي الإنترنت في بلدان تم فيها حجب وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة خلال العام المنصرم.
- على الصعيد الدولي، تساور 64% من المواطنين مخاوف بخصوص مراقبة الجهات الحكومية لمحتوى الإنترنت.
- حسب موقع The Verge، يعيش 66% من مواطني العالمم تحت الرقابة الحكومية، حسب تقرير صادر عن منظمة “فريدوم هاوس” للأبحاث. وأشار التقرير المشابه لـ Statistica إلى أن الصين كانت الدولة التي توجد بها أعلى مستويات الرقابة في العالم، تلتها سوريا وإيران.
- على الصعيد الدولي، يعيش 38% من مستخدمي الإنترنت في بلدان تم فيها حبس أفراد بسبب نشرهم أو مشاركتهم أو مجرد تعبيرهم عن إعجابهم بمحتوى موجود على موقع فيسبوك.
- في أكثر من 38 دولة، كانت الاعتقالات التي نفذت خلال عام 2015 مستندة إلى كتابات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
4 البلدان ذات مستويات الرقابة الأفضل والأسوأ
تعتبر تقارير الحرية على الانترنِت التي تنشرها منظمة “فريدوم هاوس” التقارير التي يشيع الاستشهاد بها وتحظى بأكبر قدر من الاحترام. تقدم هذه التقارير بيانات وأبحاث تحليلية تتعلق بشتى البلدان وتمنح تصنيفاً معيناً لكل بلد من البلدان. توجد أعلاه إشارة إلى النتائج التي توصلت إليها هذه التقارير، إذ تعتبر إيستونيا وآيسلاندا الدولتان الأقل رقابة، فيما تعتبر الصين الدولة الأكثر انتهاكاً لحرية الإنترنت. كما يتم تقسيم الدول إلى ثلاث فئات، وهي “حرة” و “حرة جزئياً” و “غير حرة”. ومن أصل 65 بلداً تم رصدها خلال عام 2017، بلغت نسبة الدول الحرة 25% فيما كانت 43% من الدول حرة جزئياً، بينما اعتبرت 32% غير حرة.
ونوه التقرير الصادر في عام 2012 بأن كلاً من أذربيجان وليبيا وماليزيا والباكستان ورواندا وروسيا وسريلانكا كانت معرضة بصفة خاصة للرقابة على الإنترنت. من جهتها حظيت آيسلاندا بتصنيف 6 وإيستونيا بتصنيف 7 وكندا بتصنيف 16 وألمانيا بتصنيف 18 وأستراليا بتصنيف 19 والولايات المتحدة بتصنيف 19. بدورها حصلت الصين على تصنيف 88 (وهو الأعلى) وسوريا على تصنيف 86 وإيران على تصنيف 82. كما حصلت دول كإثيوبيا وكوبا وفييتنام والسعودية والبحرين على تصنيفات متدنية للغاية، إذ تعد دولاً ذات معدلات رقابة عالية. يضاف إلى ذلك أن الرقابة في تركيا وإندونيسيا والصين تزداد سوءاً، ولا تشهد أي تحسن.
ايسلندا – 6 | الصين – 88 |
استونيا – 7 | سوريا – 87 |
كندا – 16 | ايران – 82 |
ألمانيا – 18 | اثيوبيا – 82 |
استراليا – 19 | كوبا – 81 |
الولايات المتحدة – 19 | اوزبكستان – 78 |
اليابان – 22 | فيتنام – 76 |
ايطاليا – 23 | المملكة العربية السعودية – 73 |
فرنسا – 24 | البحرين – 72 |
جورجيا – 24 | باكستان – 69 |
5 إلى أي مدى تتم مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي؟
تتزايد مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. يعتبر تطبيق واتساب من تطبيقات المراسلة التي تحظى بالشعبية والتي يتم حظرها في شتى البلدان. يعود السبب وراء ذلك بشكل رئيسي إلى عدم قدرة الحكومات على إجبار هذه الخدمة على تسليم بيانات المستخدمين إليها، خلافاً لموقع فيسبوك والتطبيقات الأخرى. يضاف إلى ذلك أن جميع رسائل واتساب مشفرة، مما يعني أن وكالات الاستخبارات غير قادرة على التنصت على الرسائل الخاصة بنفس سهولة تنصتها على تطبيقات المراسلة الأخرى.
وحسب أحد تقارير حرية الإنترنت الصادرة من “فريدوم هاوس” وحمل عنوان “التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي بهدف تقويض الديمقراطية“، قامت الحكومات في شتى أنحاء العالم بزيادة محاولاتها لفرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. كما يبدو أن الرقابة على الإنترنت تزداد سوءاً وأن وسائل التواصل الاجتماعي قد باتت الآن هدفاً رئيسياً للجهات الحكومية.
“كان النظامان الصيني والروسي رواد مستخدمي وسائل سرية لتحريف النقاشات الدائرة على الإنترنت وقمع المعارضة قبل عقد من الزمن، إلا أن هذه الممارسات قد أخذت طابعاً عالمياً منذ ذلك الحين، وباتت التدخلات التي تتزعمها الجهات الحكومية تمثل خطراً كبيراً على مفهوم الإنترنت باعتباره تكنولوجيا محررة.”
“ساهم التلاعب بالمحتوى الإلكتروني للعام السابع على التوالي في حدوث انحدار شامل في الحرية على الإنترنت، إلى جانب ارتفاع الأعطال في خدمات الإنترنت الخاصة بالأجهزة المحمولة، فضلاً عن زيادة الهجمات الجسدية والتقنية على المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلام المستقل.”
“شهد قرابة نصف البلدان الـ 65 المشمولة بتقييم الحرية على الإنترنت لعام 2017 تراجعات خلال الفترة المشمولة بالتقرير، في حين لم تُسجل مكاسب سوى في 13 بلداً، ومعظمها كانت طفيفة.”
ويلقي التقرير الضوء على أن فنزويلا وتركيا والفلبين كانت من بين 30 بلداً تبيّن فيها أن الحكومات قد قامت بتجنيد الآلاف من “صائغي الآراء”. يعني ذلك أن هؤلاء الأشخاص هم أشخاص مأجورون بهدف نشر مقالات على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي على أمل التأثير على الرأي العام لصالح رؤية معينة. ومنذ عام 2009، شهدت محاولات الجهات الحكومية للتحكم بالنقاشات الدائرة على الإنترنت على هذا النحو نمواً سنوياً. كما أن ظهور الحسابات الآلية المزيفة والروبوتات المضللة هو أمر يبعث على القلق، لأنه قد يأتي اليوم الذي تتم فيه عملية التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي بصورة آلية إلى حد بعيد. لكن الهجمات باتت تصبح أكثر اتساعاً وتعقيداً مع مرور كل عام، فيما تعمل حكومات العالم بقوة من أجل التأثير على الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي.
يعود سبب ذلك في المقام الأول إلى أنه لم يعد أحد يستخدم مصادر الأخبار التقليدية للحصول على المعلومات، بما في ذلك المجلات الإخبارية المطبوعة أو المنشورات التلفزيونية. يلجأ الناس إلى مصادر أخبار بديلة مثل Medium ويوتيوب وشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات. وفي حين يتم التحكم بالصحافة والتلفزيون وتتسم بالطابع المركزي، يتميز الإنترنت بكونه أقل عرضة للاحتكار إلى حد بعيد. يعتبر التلاعب بالرأي العام عبر التضليل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وفرض الرقابة على المحتوى المنشور فيها من أكثر التكتيكات فعالية في عصر نشر المحتوى الجديد.
6 إلى أي مدى تخضع مواقع الإنترنت الإخبارية للرقابة؟
في الغرب، لا توجد درجة كبيرة من الرقابة المفروضة على مواقع الإنترنت الإخبارية. من الواضح أن مواقع إخبارية كالوول ستريت جورنال والفاينانشيال تايمز لديها أجندات وتحيزات تنعكس في كتاباتها. على سبيل المثال، قد تمثل هذه المواقع مصالح الجهات التجارية، لكن هذا لا يعني أنها عرضة للرقابة الحكومية بمعنى الكلمة. يضاف إلى ذلك أن هناك العديد من مصادر الأخبار البديلة التي ظهرت على موقع يوتيوب وغيره من الوسائل البديلة التي تتميز بحريتها واستقلاليتها التامة. ورغم ادعاء الكثيرين أن يوتيوب يحجب القنوات الإخبارية ذات الشعبية إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا الأمر لا يعدو كونه نوعاً من الارتياب والهيستيريا.
لإدراك المعنى الحقيقي للرقابة على الأخبار على الإنترنت، من الضروري السفر إلى بلدان العالم الثالث والصين، حيث تتشابك الأخبار المنشورة على الإنترنت مع سياسة الحكومة. ففي بلدان كمصر وأفغانستان والصين، تم تشديد درجة الرقابة على الإنترنت، فيما ازدادت الراقابة سوءاً وفي تركيا. منذ مجيئه إلى السلطة، سعى أردوغان إلى إبقاء الإعلام التقليدي تحت سيطرة مشددة، حسب تقرير لمجلة الإيكونوميست، لكنه قام بتوسيع نطاق سيطرته ليشمل جميع مصادر الأخبار إلى أقصى حد ممكن.
في هذه البلدان، من المستحيل ببساطة نشر أخبار منافية للأيديولوجيا السائدة. يختلف هذا الأمر عما هو موجود في الغرب بشكل كبير، حيث من الممكن تماماً رغم كل الشكاوى المثارة نشر تعليقات سلبية عن جميع السياسيين والطبقة الحاكمة. يمكن القيام بذلك بل ويتم فعلياً، وتتميز وسائل التواصل الاجتماعي بأنها قاسية على الرئيس ترمب، ومثل هذه التعليقات من شأنها أن تؤدي بصاحبها إلى السجن على الفور في بلدان كالصين أو تركيا، حيث تمارس فيها أقصى درجات الرقابة.
ينبغي ملاحظة أنه على الرغم من عدم تعرض المواقع الإخبارية الإلكترونية الغربية للرقابة، إلى أنها تعرض الأخبار بطريقة معينة، فهناك معايير محددة لكيفية عرض الأخبار. على سبيل المثال، توصف الجرائم الوحشية بعبارات مثل “هجوم” أو “قتل”، ولا تُنشر مطلقاً أي تفاصيل فظيعة تتعلق بمثل هذه الأحداث لأنها قد تزعج المشاهدين. يعني ذلك أن الأخبار ستكون منتقاة على الدوام وأنها لا تقدم سوى النزر اليسير من التفاصيل عن القضايا المعقدة. في هذا الصدد، تصبح جميع أنواع المحتوى خاضعة للرقابة بدرجة أو بأخرى، لكن هناك فرق بين صحافة تمارس قدرتها على التمييز بين أنواع المحتوى وحكومة أو شركة كبرى تجبر الصحافة على أن تقول ما تريده هي.
7 الرقابة على التعليم
على الرغم من أن الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي هي مسألة تبعث على الأقل بشكل رئيسي، هناك قدر كبير من الرقابة على التعليم. يمكن أن يكون لهذا الأمر تأثير كارثي على الأطفال غير المستعدين للواقع. مرة أخرى، يمكن ملاحظة هذا الأمر في الصين أكثر من أي مكان آخر، حيث يسافر الطلبة وحتى البالغون إلى البلدان الديمقراطية للمرة الأولى في حياتهم ويجدون أن العالم لا يشبه على الإطلاق ما تم دفعهم للاعتقاد به عبر مناهج التعليم الصينية. لا تقتصر هذه الظاهرة على الصين فحسب، بل تحدث في المدارس القومية في جميع أنحاء العالم بدرجة أو بأخرى.
قام الديكتاتور التركي إردوغان بفصل 21,000 أستاذ جامعي، في خطوة معتادة يستخدمها الحكام الدكتاتورييون الذين يدركون تأثير وجود نظام تعليمي حر على الفكر العام. كان هؤلاء الأساتذة سيدرسون التاريخ الأوروبي، وليس من الممكن إصدار دعاية عامة وإعادة صياغة التاريخ عند وجود نظام مستقل يكشف حقيقة الوضع القائم. كما تم حجب موقع ويكيبيديا مع صعود إردوغان إلى السلطة، إلى جانب مواقع مثل فيسبوك ويوتيوب وجوجل. لا تزال تركيا تواصل فرض أحكام طويلة بالسجن على الصحفيين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التشهير المعمول بها في البلاد، إذ تم حجب موقع يوتيوب بحجة أنه عرض مقاطع فيديو مسيئة لأتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة.
وفي الولايات المتحدة، هناك محاولات لإعادة صياغة التاريخ عن طريق إزالة جميع الروايات المتعلقة بالمعارضة السياسية عن الروايات الرسمية. يتم هذا الأمر بقصد الترويج لشعور قومي موحد دعماً لجميع الأنشطة التي تقوم بها الحكومة، مثل شن هجمات على بلدان في الشرق الأوسط. تُزال كافة أشكال الاحتجاج والمعارضة لكي يبدو الأمر وكأن الولايات المتحدة دائماً ما كانت بلداً يسعى لإقامة سلام ووئام عالمي. وفي مظاهرة حاشدة ضد التلاعب بالمناهج بصورة تعرض تاريخاً انتقائياً، عبر طلاب المدارس الثانوية عن رفضهم القبول هذا النوع من التاريخ الخاضع للرقابة.
كما تعاني الجامعات من هذا النوع من التاريخ الانتقائي، رغم أنه يحدث بدرجة أقل مما هو عليه الحال في المدارس الثانوية. هناك أيضاً نقاش كبير وعلني يدور في الولايات المتحدة حول علم الأحياء والأعراق، حيث يتم حالياً إعادة كتابة الحقائق البيلوجية لكي يتم اعتبار جنس الشخص ذكراً كان أم أنثى تكويناً اجتماعياً وليس ظاهرة بيولوجية. كان جوردن بيترسون وهو عالم نفس كندي بارز أول من أشار إلى هذا الأمر في عدد من النقاشات المحمومة. يؤدي هذا الأمر إلى إخفاء مئات التجارب السريرية التي تشير إلى وجود فوارق بيولوجية يمكن ملاحظتها بين الجنسين. لكن يتم تجاهل هذه الدراسات في معظم المواد الدراسية الحديثة في الجامعات لصالح أيديولوجيات جديدة لا تحظى بدعم دراسة واحدة تحظى بالثقة. جدير بالذكر أن فرض رقابة على المناهج الدراسية دون وجود مبرر قانوني غير مسموح قانونياً حسب السوابق القضائية الأمريكية، سواءً في المدارس الثانوية أم الجامعات.
8 كيف يتم تنفيذ الرقابة على الإنترنت؟
هناك أربع طرق أساسية يتم من خلالها تنفيذ الرقابة على الإنترنت، وهي حجب عناوين الآي بي وفرز الكلمات المفتاحية وتسميم نظام أسماء النطاقات وحبس المخالفين.
- حجب عناوين الآي بي
بإمكان الحكومات إصدار أوامر لشركات الإنترنت تطالبها بحجب مواقع ونطاقات معينة، وقد يؤدي الإخفاق في الامتثال للأوامر الحكومية إلى غرامات كبيرة. وبسبب عدم وجود الكثير من الشركات المزودة لخدمات الإنترنت في أي بلد بعينه، بل وعلى الصعيد العالمي، فإن هذا القطاع يعاني من الاحتكار الشديد. يعني ذلك أنه لا يتعين على الحكومات سوى إجبار عدد قليل من كبار مزودي خدمات الإنترنت على اتباع التعليمات الخاصة بحجب عناوين الآي بي. جدير بالذكر أن حجب عناوين الآي بي يعتبر من أكثر أشكال الرقابة شيوعاً. - فرز الكلمات المفتاحية
يعتبر فرز الكلمات المفتاحية نوعاً آخر من الرقابة على المعلومات، إذ يتم حجب جميع عمليات البحث في المحرمات التي تتضمن كلمات مفتاحية بصورة آلية. من الأمثلة على ذلك أن تطبيق WeChat يقوم فعلياً بحجب المحادثات التي تتضمن كلمات مفتاحية من شأنها تقويض الحزب الحاكم في الصين. كما يمكن إصدار أوامر لمحركات البحث لكي تقوم بهذا النوع من فرز الكلمات المفتاحية. وعلى مستوى البلاد بأكملها، يتطلب هذا الأمر وجود نظاماً معقداً لاكتشاف الاختراق (IDS). - تسميم نظام أسماء النطاقات
يُعرف أيضاً باسم احتيال نظام أسماء النطاقات أو التلاعب بنظام أسماء النطاقات أو اختطاف نظام أسماء النطاقات. يعني ذلك أنه يتم تحويل بيانات فاسدة لنظام أسماء النطاقات إلى عنوان آي بي مختلف. مرة أخرى، تعتبر الصين خير مثال، حيث يتم تحويل الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى مواقع مثل فيسبوك إلى موقع مختلف. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يتلقى الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى هذه المواقع لزيارة من قبل السلطات تحت ظروف معينة. يصعب تغيير أسماء النطاقات مقارنة بتغيير عناوين الآي بي، وهو ما يجعل تسميم نظام أسماء النطاقات أكثر فعالية من حجب عناوين الآي بي. غالباً ما يتم استخدام تسميم نظام أسماء النطاقات وفرز الكلمات المفتاحية بهدف الحصول على نظام رقابي أكثر شمولية. - الغرامات والسجن
لا شيء يعطي مفعولاً كمفعول رمي شخص ما في السجن لقيامه بنشر أو قراءة معلومات مخالفة لأيديولوجية الحزب الحاكم. غالباً ما يُلاحظ هذا الأمر في الأنظمة الدكتاتورية أو المستبدة كالصين. يقدر عدد أفراد شرطة الإنترنت بقرابة 50,000 شخص. هؤلاء هم الأشخاص الذين يقومون برصد ومراقبة الأنشطة وإصدار المذكرات بحق “المخالفين”. يؤدي هذا الأمر إلى وجود مشاعر خوف تحيط بالأنشطة الإلكترونية. ومع أن جهاز الشرطة الإلكتروني كان يعمل خلف الكواليس في وقت من الأوقات، إلا أنه يعمل في العلن حالياً. يتمثل هدف هذا الجهاز حسب السلطات الصينية في “تنقية الإنترنت“.
9 كيفية تفادي الرقابة
هناك عدد من الطرق الكفيلة بتفادي الرقابة، وبعضها أكثر فعالية من البعض الآخر. لكي تحتفظ بممارسات رقمية جيدة، ضع ما يلي في الاعتبار. الحقيقة هي أن الرقابة سوف تزداد وسيتعين عليك حماية هويتك الإلكترونية إلى أقصى حد ممكن خلال السنوات القادمة.
الشبكة الافتراضية الخاصة
الشبكة الافتراضية الخاصة هي الوسيلة الأكثر فعالية ومباشرة لتفادي جميع أنواع الرقابة. يُعطى الجهاز الذي تستخدمه عنوان آي بي جديد في كل موقع مختلف عن السابق. إذا كنت في بلد تحظر موقعاً إلكترونياً بعينه، بإمكانك تغيير عنوان الآي بي الخاص بك باستخدام الشبكة الافتراضية الخاصة ببلد يسمح بالاطلاع على ذلك الموقع. في الغالب يكون استخدامها وإعدادها سهلاً للغاية، ويتم تشفير جميع المعلومات التي تقوم بإرسالها لكي لا يتمكن أي شخص من التنصت أو فهم أي شيء مما تقوم به. لكنها تتسم بأنها تؤدي إلى إبطاء سرعة الإنترنت، وهو ما قد يشكل مصدر إحباط. من الشبكات التي تحظى بأكبر قدر من التقدير شبكة Nord VPN و IP Vanish و Express VPN.
IPVanish
ExpressVPN
اعرف حقوقك
قد يكون من المفيد للغاية معرفة حقوقك عندما يتم تشفير المحتوى الذي تنشره. في بعض الأحيان، قد يقوم بعض المشرفين بتعديل أو حذف تعليق معين على وسائل التواصل الاجتماعي. قد يشكل هذا الأمر انتهاكاً للقواعد والمبادئ القانونية المتعلقة بحرية التعبير، لأن كل شخص يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لديه الحق في حرية التعبير ويجوز له ممارسة هذا الحق. ينبغي على الأشخاص الذين تعرضوا للحجب بصورة غير عادلة الحديث عن المشكلة، فهذه هي قوة وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنها ترفع الوعي حول هذه الأشكال من الظلم.
اختر محرك بحث مناسب
هناك الآن مجموعة كبيرة من خيارات محركات البحث الخاصة التي تظهر باستمرار لتلبية الطلب للخصوصية والسرية. من المُسلّم به أن جوجل هي أفضل محرك بحث ولديه خوارزمية تعتبر الأكثر فعالية. غير أن هذا الفجوة قد بدأت تتقلص في الآونة الأخيرة وبات جوجل واحدة من أقل محركات البحث خصوصية. تشمل البدائل محركات مثل Duck Duck Go و Swiss Cows و Start Page. محركات البحث هذه لا تقوم برصد أو تخزين أي بيانات خاصة بالمستخدمين.
يكمن السر في الفعالية الكبيرة لخوارزمية جوجل في أنها تقوم بتخصيص النتائج لتناسبك. يعرف جوجل تاريخ استفساراتك ويقوم بعرض إعلانات ونتائج بناءً على البيانات التي تم الحصول عليها مسبقاً. لذا عند استخدام محرك بحث قائم على مراعاة الخصوصية وليس لديه أدنى فكرة عمن تكون، قد تبدو النتائج غريبة نوعاً ما، إلا أنها في الحقيقة تكون أكثر موضوعية من نتائج جوجل.
اختر الشبكة المناسبة من شبكات التواصل الاجتماعي
بعض قنوات وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ بكثير من غيرها عندما يتعلق الأمر بالرقابة، ومن المؤكد أن فيسبوك هي من أسوأ الخيارات، فلديها تاريخ حافل بالفضائح، بما في ذلك بيع بيانات المستخدمين لغرض الربح. أخبر مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لفيسبوك أحد الزملاء أن بمقدوره تزويده بمعلومات تتعلق بأي شخص في جامعة هارفارد، وأن لديه جميع صورهم وتواريخ ميلادهم. ورغم أن فيسبوك قد لا تعتمد أفضل المعايير الأخلاقية، كما أثبتت فضيحة كامبريدج أناليتيكا، إلا أن هناك عدداً من الخيارات البديلة التي تركز على الخصوصية. تقوم العديد من قنوات التواصل الاجتماعي بتشفير جميع البيانات ولا تقوم بتخزين السجلات ولا تعرض أي إعلانات. تشمل المواقع المشهورة مواقع مثل Vero و Steemit و Ello و Mastodon و Diaspora.
قم بتشفير بياناتك
عند تشفير البيانات، ليس بوسع الحكومة أو الشركات فك التشفير عن الرسائل المتبادلة. في العادة يمكن اختراق تشفير جميع البيانات المشفرة في حال توفر موارد حسابية كافية. غير أن هذا الأمر يستغرق كثيراً من الوقت ولا يستحق الجهد المبذول لاختراق كميات هائلة من البيانات الموجودة على الانترنت والتي يكون معظمها غير ضار. لست بحاجة لأن تشفّر البيانات بنفسك، بل استخدم ببساطة خدمات تقوم بتشفير رسائلك. تقوم الشبكات الافتراضية الخاصة بتشفير البيانات الواردة في النماذج أو الاستمارات المقدمة على الإنترنت وكذلك المواقع التي تقوم بزيارتها، تقوم خدمات البريد الإلكتروني الخاصة كبريد ProtonMail بتشفير جميع الرسائل البريدية، فيما تقوم تطبيقات المراسلة الخاصة كتطبيق واتساب وتطبيق تيليغرام تشات بتشفير جميع الرسائل. لا شك في أن للتشفير مفعول مؤكد وفي كونه أداة أساسية تسهم في الحيلولة دون الرقابة الحكومية.
قلل استخدام الإنترنت
يعتبر تقليل استخدام الإنترنت من أفضل الطرق لتفادي الرقابة على الانترنت، وغالباً ما يكون الانفصال عن العملية برمتها غالباً ما يكون أكثر الحلول فعالية. يبدو الأمر وكأن تفادي الرقابة سيزداد صعوبة في المستقبل، إذ أننا سنكون في عالم الذكاء الاصطناعي الذي ستكون فيه أجهزة فائقة الذكاء تتفاعل مع بعضها البعض.
قلل عدد مرات نشر الكتابات وافصل نفسك عن التكنولوجيا ولا تترك أي شيء لكي ترصده الحكومة. قم بشراء منتجات محلية من متاجر تقليدية تساهم أيضاً في حماية البيئة وتقف في وجه الشركات الكبرى التي ترصد بيانات الأفراد وتراقبها وتتاجر بها. يعتبر تسجيل بيانات العملاء الإلكترونية وبيعها تجارة قذرة، وينبغي بذل قصارى الجهود لوقف دعم هذه التجارة عن طريق ممارسات الشراء على الإنترنت.
ادعم المنظمات الداعمة لحرية التعبير
من الضروري استخدام شبكة افتراضية اخصة وتقليل الوقت الذي نمضيه في تصفح الانترنت واستخدام وسائل تواصل اجتماعي وخدمات مراسلة تراعي الخصوصية أينما أمكن. لكن هذه الخطوات ليست سوى تدابير مؤقتة. فما لم يبادر عامة الشعب إلى التعبير عن رأيهم والتصدي للشركات والحكومات، من المرجح أن الرقابة ستزداد وتستمر. من بين الطرق التي تتيح القيام بذلك دعم المنظمات الداعمة لحرية التعبير بأي طريقة ممكنة.
يعتبر موقع Avaaz موقعاً عالمياً للنشطاء يقوم بإنشاء حركات متنوعة تعتمد على البريد الإلكتروني وتتناول قضايا كالبيئة وحرية التعبير وهيمنة جماعات المصلحة. وقد استطاع الموقع التغلب على شركة Monsanto في المحاكم ونجح في كسب معارك سياسية من أجل حماية الغابات المطيرة والأنواع المهددة بالانقراض. كما يقوم بإطلاق حملات تطالب بحماية الحريات المدنية كحرية التعبير وحرية التجمع. يوجد العديد من المنظمات التي تعمل فصورة فعالة وتستطيع الحصول على آلاف التوقيعات في غضون ساعات قليلة عن طريق المراسلة بالبريد الإلكتروني.
قم بدعم الهيئات الإعلامية المستقلة والمطبوعات البديلة
كما أوضحنا في الفقرة السابقة، هناك العديد من المنظمات الصحفية المستقلة التي تناضل لضمان حرية الإعلام واستقلاليته. تشمل هذه المنظمات لجنة حماية الصحفيين واتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU) وجمعية الصحفيين المهنيين ومؤسسة حرية الصحافة. مما لا شك فيه أن وجود صحافة حرة أمر لا غنى عنه لوجود مجتمع صحي.
إن الغرب محظوظ للغاية في عدم تعرض موقع يوتيوب وشبكة الإنترنت لرقابة شديدة، وإلا لتأثرت الآراء والنظرة تجاه العالم بالخطاب الذي تطرحه النخب والشركات والحكومات القوية، ويبذلون جهوداً حثيثة من أجل تحقيق ذلك، مما يعني أنه يجب وجود منظمات تكافح ضدهم في مجال الرقابة على الإنترنت.
استخدم تكنولوجيا سجلات الحسابات الموزع
تعتبر تكنولوجيا سجلات الحسابات الموزعة (المعروفة أيضاً باسم البلوكتشين)مفهوماً جديداً يتم بواسطته تسجيل المعاملات على دفتر حسابات موزع. ولأنه لا أحد يملك تكنولوجيا البلوكتشين وبسبب كون الخوادم موزعة في جميع أنحاء العالم، لا تستطيع الحكومات فرض الرقابة على أي شيء. كما لا توجد أي شركة يجب مقاضاتها أو أي أشخاص ينبغي التحقيق معهم في الكثير من الحالات.بدورها تعتبر منصة الإيثيريوم منظومة تهدف إلى خلق شبكة إنترنت لامركزية ولا توجد فيها شركات تملك أي مواقع إلكترونية، وبذلك سيتم استبدال شركات مثل آير بي إن بي وفيسبوك وتويتر وتريب أدفايزور ببدائل تعمل بخوارزميات حسابية لا توجد لديها مصالح خاصة.
هناك تطبيق يسمى Liberdy.io يهدف إلى إعادة البيانات إلى المستهلكين. يقوم التطبيق بالتحقق اليدوي من المعلومات الموجودة لدى شركات كفيسبوك وأمازون وجوجل لدى أشخاص معينين. بعد ذلك يستطيع الشخص المطالبة باسترجاع البيانات وعرضها للشراء أمام المعلنين، بدلاً من أن يتم جمعها مجاناً من قبل تلك المواقع التي تقوم ببيعها جيئة وذهاباً لمرات عديدة.
ملاحظة المحرر: الشفافية هي إحدى القيم الأساسية لدينا في WizCase، لذلك يجب أن تعلم أننا ننتمي إلى نفس مجموعة الملكية مثل ExpressVPN. ومع ذلك، فإن هذا لا يؤثر على عملية المراجعة الخاصة بنا، حيث نلتزم بمنهجية اختبار صارمة.
10 الخلاصة – كيفية تفادي الرقابة في عصر فرض الرقابة
مع أن الرقابة على الانترنت تزداد سوءاً، إلا أن المستقبل أحسن مما قد يتوقعه المرء. فمع ظهور تكنولوجيا ما هو دفتر الأستاذ الموزع (Distributed Ledger)، تسير شبكة الإنترنت نفسها، إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، نحو التحول إلى كيانات لامركزية. يعني ذلك أنه ستكون هناك منصات تنشأ لغرض أداء مهام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وستكون محصّنة ضد الرقابة الحكومية. يعود سبب ذلك إلى أنه ستعمل بخوارزميات مملوكة للشعب، وستكون موجودة على سلسلة خوادم موزعة في جميع أنحاء العالم.
وحتى ذلك الحين، يجب التقيّد بأفضل الممارسات، ومنها أن الشبكات الافتراضية الخاصة قد باتت ضرورية وتمثل الخطوة الأولى والأهم لحماية الخصوصية. بعد ذلك، ينبغي إعطاء الأفضلية للمراسلة الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي بدلاً من فيسبوك وتويتر وانستاغرام. كما ينبغي استبدال جوجل بخدمة بريد إلكتروني مشفر، فيما ينبغي استخدام محركات بحث تراعي الخصوصية لإبقاء عمليات البحث التي تقوم بها آمنة.
إن قمت بهذه الخطوات، سوف تكون قد أديت واجبك كمواطن عالمي وستكون قد قمت بعمل جيد نسبياً يسهم في إبعاد الشركات والحكومات بعيداً عن بياناتك. للحصول على نقاط إضافية، عليك المساهمة عن طريق رفع صوتك وربما تقديم دعم مالي للهيئات الإعلامية الحرة ومنظمات الحريات المدنية. كما يمكنك أيضاً البدء في استخدام تكنولوجيا دفتر الاستاذ الموزع مع توفرها، فهذه الشبكات تستند إلى فكرة وجود مجتمع حر ومفتوح. كلما ازداد عدد الأشخاص الذين يستخدمون هذه التقنيات، كلما ازدادت سرعة الانتقال من شبكة إنترنت يمكن إخضاعها للرقابة إلى شبكة محصّنة ضد الرقابة.
اترك تعليقًا
إلغاء